معظم الأطفال يتلهفون على مرور السنوات سريعا حتى يكبرون، ولكن بمجرد نموهم ودخولهم في مرحلة المراهقة يكتشفون أنها يمكن أن تكون جحيما حقيقيا أو حقل ألغام يجب الانتباه لخطواتنا جيدا حتى نخرج منه سالمين.
قد تظنين أنك الوحيدة التي تعانين في تلك المرحلة الحرجة من حياتك، ولكن والديك يعانيان معك بنفس القدر، لذا يجب عليك أن تبدي قدرا من التفهم لتصرفاتهما يماثل محاولاتهما المستميتة لتفهم واستيعاب التغيرات التي طرأت على شخصيتك وتصرفاتك وحتى على مظهرك.
وقد يلاحظ الوالدان أن الكثير من المشاكل التي يقع فيها الأبناء في مرحلة المراهقة يكون خلفها انسياقهم خلف بعض الأصدقاء وتأثرهم بهم.
وفي الحقيقة فإن تأثير الأصدقاء في هذه السن يكون كبيرا وملحوظا، لأن المراهق عموما يحاول إثبات شخصيته واستقلاله مما يجعله يبتعد عن الوالدين ويتجنب الحوار معهما أو استشارتهما في شئونه لأنه يعتبر ذلك تدخلا، ويفضل البقاء في جزيرة معزولة لا يشاركه فيها سوى الأقران الذين يشتركون معه في نفس المرحلة السنية وطريقة التفكير.
مجموعات الأصدقاء المغلقة
في كثير من الأحيان تعتمد الصداقات في سنوات المراهقة على نظام "الشلة" أو المجموعة المغلقة على نفسها من الأصدقاء والتي قد يكون لها قائد أو مجموعة قادة يختارون من الذي يمكنه أن ينضم إليهم وينبذون البعض الآخر ويكون الهدف من هذه المجموعات المنغلقة على نفسها هو رغبة المراهقين في حماية أنفسهم من أذى الآخرين ووصايتهم عليهم أو تدخلهم في حياتهم.
في هذه المجموعات يرى الأعضاء أنفسهم أفضل من الآخرين الذين لا ينتمون للمجموعة، وبالتالي يضعون بعض الاشتراطات والقواعد التي يجب أن يلتزم بها كل منتمي للمجموعة حتى يبقي على عضويته بها ولا يتم طرده منها. وهنا تكمن المشكلة.
فقد تنتمين لمجموعة ما من الصديقات اللاتي يطلقن على أنفسهن اسما معينا، ويتصرفن وفقا لقواعد وحدود وضعتها القائدة، ورغم عدم اقتناعك بمعظم هذه القواعد، تجدين نفسك مضطرة لاتباعها ومسايرة الأخريات من الصديقات حتى لا تنبذك عضوات المجموعة ولا يتم طردك واستبعادك منها إذا خرجت عن الإطار المرسوم.
فقد يكون من ضمن قواعد المجموعة مثلا عدم احترام الفتيات الأخريات اللاتي لا ينتمين لهذا الكيان أو التحرش اللفظي أو البدني بهن وإساءة معاملتهن من منطلق أنهن أقل شأنا أو ذكاءً أو جمالا. المشكلة هنا تكمن في عناد المراهقة الذي قد يدفعك للتصرف بهذا الشكل الذي يسيء للآخرين ولانطباعهم عنك لمجرد الحفاظ على وجودك داخل مجموعة الصديقات التي تنتمين إليها، رغم علمك أن هذا الأسلوب في التعامل خاطيء.
ممارسات أخرى خاطئة
قد لا تتوقف قواعد مجموعة الصديقات عند هذا الحد، فقد ترى قائدة المجموعة مثلا أن جميع العضوات يجب أن تكون لهن علاقات مع الشباب من منطلق التباهي بجمال وجاذبية كل منهن وقدرتها على جذب انتباه الجنس الآخر، أو قد تصدر الأوامر للعضوات بالخروج يوميا أو أسبوعيا للتسكع في صالات الديسكو أو الملاهي الليلية والعودة للمنزل في أوقات متأخرة، أو حتى بالتدخين بدعوى إثبات الشخصية وتقليد الكبار، وغيرها من التصرفات المرفوضة والغريبة على مجتمعاتنا العربية، والتي قد ترفضينها من تلقاء نفسك إذا فكرت جيدا أو كنت مستقلة في قرارك، ولكن المشكلة هنا في الانسياق الأعمى خلف قواعد عضوية مجموعة الصديقات، والتي تتنافى تماما مع المنطق!
ليس كل جديد مفيد أو مقبول
صحيح أن التمرد والعناد ومحاولة الاستقلال عن الكبار في التفكير والتصرف من سمات مرحلة المراهقة - لأسباب كثيرة تتعلق بالتغيرات الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية التي يمر بها الإنسان في هذه المرحلة- ولكن يجب أن تفهم كل فتاة أنه ليس بالضرورة أن يكون كل جديد مفيدا أو مقبولا، وكل تجربة مثيرة لن تحمل بالضرورة المتعة والسعادة، ولكنها قد تضر الإنسان وتدمر مستقبله بالكامل وتسيء لأسرته.
تحلي بالشجاعة والحزم في مواجهة نفسك والآخرين
ليس عيبا أن تنضمي لمجموعة من الصديقات وفقا لقواعد وحدود معينة تنظم هذا الأمر طالما اتفقت هذه القواعد مع ما تؤمنين به من أفكار ومعتقدات وما لم تنطو على ضرر لك أو للآخرين الآن أو في المستقبل، ولكن إذا وجدت أن قواعد المجموعة تختلف مع ما يخبرك به عقلك والقيم التي تربيتِ عليها، كوني شجاعة بحيث ترفضين الانضمام لتلك الفتيات ومشاركتهن أفعالهن المرفوضة.
وإذا حدث في وقت ما وأخذتك الحماسة والرغبة في كسر الملل وانضممت لمجموعة من الفتيات المختلفات عنك في قيمهن وتصرفاتهن، فلا تدعي العناد والمكابرة يجرفانك وتقلديهن في تصرفاتهن، بل واجهي نفسك بخطئك وانفصلي عنهن تماما قبل أن تتورطي في أفعال قد تسيء لك أو لأسرتك أو للآخرين.
وفي النهاية إذا كنا نطالب الكبار بمعاملتنا كأشخاص أحرار مستقلين نتمتع بالحرية، يجب أن نثبت أننا على مستوى المسئولية ونستحق تلك الحرية التي ننادي بها.